حياة ترتر الجديدة : قصة قصيرة
كان “ترتر” الحذاء الأسود الصغير يشعر بالحزن وهو يستمع لفادي يقول لوالدته:
– أريد حذاء جديدًا يا أمي، ترتر أصبح باليًا وبشعًا جدا.
قالت والدة فادي وهي تبتسم:
-لا بأس عندما أذهب إلى السوق أشتريه لك.
كان فادي طفلا مدللا، وكان ترتر هو الحذاء الجديد الذي اشترته له أمه في العيد، لكنه أصبح قديما وباليا منذ أن بدأ يلعب به المباريات في المدرسة، ويسير به في الطرقات الموحلة، ولا يهتم لأمره، أو يعتني به.
كان ترتر يشعر بالحزن أيضا لأن مظهره أصبح بشعا، ولأن فادي لا يعتني به، ولكنه كان يحب فادي جدا واعتاد على صحبته وصداقته، واعتاد أيضا على أن يحميه من الحصى، والأشواك، والأوساخ التي تملأ الطرقات، ولم يكن يهتم للألآم التي تصيبه شخصيا.
في ذلك اليوم عادت والدة فادي من السوق وهي تحمل الحذاء الجديد “بوبا”، وقدمته لفادي، فاحتضنها وقبلها، وبدأ بتجربة حذاءه الجديد بسعادة كبيرة، وراح بعدها يقفز فرحا.
ترتر كان سعيدا أيضا لأجل فادي، وكان يشعر بالحزن لأنه سينساه ويفارقه، وربما يلقي به في القمامة.
وفي المساء وقف ترتر عند باب المنزل، واستدار ملقيا نظرة أخيرة على بيت فادي، ثم قال:
– وداعا يا صديقي، لن تحتاجني بعد اليوم.
سار ترتر وحيدا في الطريق حتى شعر بالتعب، وشعر بالخوف أيضا، فوجد فتحة في جذع شجرة كبيرة، فدخلها واستغرق في النوم.
وفي الصباح أيقظته أصوات حبات المطر الغزيرة، فأسرع يحتمي في جذع الشجرة، بينما كان يراقب المطر ويتذكر صديقه فادي، وكيف كان يلعب معه.
رأى بطتين صغيرتين تتخبطان في مياه المطر، ولا تستطيعان السباحة أو الخروج من البركة.
أسرع نحوهما ثم سبح حتى وصل إليهما وقلب نفسه بسرعة وهو يقول:
– هيا لتصعد كل منكما على فردة مني.
أسرعت البطتان وركبتا على فردتي ترتر، وسبح بهما بقوة حتى أوصلهما إلى أرض جافة وعالية، وقال:
– تعالا معي إلى جذع هذه الشجرة هناك مكان أمن.
فرحت البطتان وأسرعتا خلف ترتر، وجلستا معه تحت جذع الشجرة، وهناك أخبرهما عن قصته، وكيف ترك منزل صاحبه عندما اشترى أخر جديد ونسيه، وأنه يشعر بالوحدة.
طلبت البطتان منه أن يأتي معهما لمزرعتهما، فهناك طفل صغير يأتي كل يوم ليأخذ الحليب، وهو طيب نشيط ولا يرتدي أي حذاء، وقد يكون صديقا رائعا له.
فرح ترتر، وذهب معهما، ونام تلك الليلة في الحظيرة الدافئة.
في الصباح قامت البطتان الصغيرتان بعمل حمام متقن لترتر، وجففتاه في الشمس، ثم جلس الجميع بانتظار سامر الفتى النشيط الطيب والفقير جدا.
وعندما وصل أسرعا نحوه قائلين:
-هذا ترتر صديقنا الجديد يا سامر، نريدك أن تأخذه لتكونا صديقين.
ابتسم سامر بحب للبطتين، وحمل ترتر، ونظر نحوه بابتسامة، وقال :
-مرحبا يا صديقي سعيد بلقائك.
ارتدى سامر الحذاء، وكان سعيدا للغاية، وأصبحا صديقين منذ ذلك اليوم.
حياة ترتر أصبحت سعيدة جدا، كان سامر يحافظ عليه، ولا يقترب من البرك الموحلة أبدا، ويقوم بتنظيفه كل ليلة قبل أن ينام وهو يحكي له قصة قرأها.